
الاعتذار الطائفي في سوريا: تصحيحٌ للمسار أم تعميقٌ للشرخ؟
في السياق السوري، وخاصة مع الدعوات الحالية الموجهة للطائفة العلوية للاعتذار بشكل جماعي من السنة بسبب أفعال نظام بشار الأسد، تبدو قضية الاعتذارات الطائفية شديدة الحساسية والتعقيد، وتحمل أبعادًا تاريخية مركبة.
المسؤولية الجماعية مقابل الفردية
- المطالبة باعتذار جماعي من طائفة بأكملها قد تؤدي لتعزيز الانقسامات الطائفية، لأنها تفترض ذنبًا جماعيًا بدل المسؤولية الفردية.
- العديد من العلويين أنفسهم عانوا من ظلم نظام الأسد أو عارضوه بشكل واضح، وتعرض بعضهم للسجن أو النفي أو حتى الإعدام.
البُعد الطائفي وتعقيداته
- رغم أن الصراع السوري اتخذ طابعًا طائفيًا، من المهم الاعتراف بأن ليس جميع العلويين مؤيدين للأسد، ولا كل السنة معارضون له.
- يضم نظام الأسد قيادات بارزة من الطائفة العلوية، لكنه أيضًا يشمل مشاركة واسعة من طوائف أخرى، بما في ذلك السنة المؤيدين.
٤التأثير المحتمل للاعتذار الطائفي في سوريا
إيجابي:
- إذا بادر قادة أو شخصيات علوية دعموا الأسد بشكل مباشر للاعتراف بالخطأ والاعتذار، فقد يؤدي ذلك لتعزيز المصالحة.
سلبي:
- المطالبة باعتذار عام من كل طائفي العلويين قد يعمق الشعور بالطائفية والتهميش، ويثير مشاعر الاستياء المتبادل، مما يزيد الانقسام بدلًا من معالجته.
٣تجارب تاريخية وجهود المصالحة
- عادةً ما تتضمن المصالحة العالمية اعتذارات من قادة سياسيين أو مسؤولين في النظام، وليس من جماعات عرقية أو دينية بأكملها.
- المصالحة الفعالة تُميّز بوضوح بين مسؤولية القيادة السياسية ومسؤولية المجتمع بأكمله.
أمثلة تاريخية عملية
رواندا: بعد الإبادة، جاءت الاعتذارات من قادة سياسيين ومجموعات شاركت بشكل مباشر في الجرائم، وليس من الجماعات العرقية بأكملها.
جنوب أفريقيا: ركزت جهود المصالحة بعد نظام الفصل العنصري على المسؤولين مباشرة والظلم المنهجي، وليس على اعتذارات طائفية جماعية من مجموعات عرقية أو عنصرية.
الطريق الموصى به للمستقبل
- تشجيع المساءلة المباشرة للأفراد والقادة الذين تورطوا في انتهاكات حقوق الإنسان.
- تعزيز الحوار ومبادرات العدالة الانتقالية والمصالحة دون تحميل طائفة بأكملها ذنبًا جماعيًا.
- دعم خطاب شامل يركز على المسؤولية الفردية ويتجنب الاتهامات العامة المبنية على الانتماء الطائفي.
الخلاصة: الاعتذار الطائفي الفعال والصادق في سوريا يجب أن يصدر عن القادة السياسيين أو المؤسسات المسؤولة مباشرة عن الانتهاكات، بدلًا من تحميل المسؤولية الجماعية لطائفة دينية بأكملها.